إذا کان الأمر فی اللغة مُخصّصاً لتحصیل الفعل علی وجه الاستعلاء والإلزام، وهو الدلالة الحقیقیة له، فإنّ الأمر کغیره من الأسالیب الإنشائیة الأخری کثیراً ما تتولّد منه دلالات مجازیة بمعونة قرائن الأحوال. وتهدف هذه المقالة معرفة صیغ الأمر الواردة فی خُطب نهج البلاغة، ودراستها دراسة نحویة، بلاغیة، والکشف عن الدلالات البلاغیة المختلفة الکامنة وراء هذا الأسلوب، لذلک تقوم باستقرائها فی نصوص الخُطب وتقویمها دلالیاً وفق المنهج الوصفی التحلیلی. ظَهر من خلال هذه المقالة أنّ الأمر ورد فی خطب نهج البلاغة بصیغه المختلفة، وبنسبة کبیرة مقارنة بالجمل الطلبیة الأخری، وأنّ لصیغ الأمر فی خُطب نهج البلاغة دلالات مختلفة منها ما یدلّ علی طلب الفعل علی وجه الاستعلاء مع اللزوم، وهو الأمر الحقیقی، ومنها ما یخرج إلی دلالات بلاغیة لیعبّر بها الإمام علیه السلام عمّا اختلج فی مکنونات صدره من مشاعر وأفکار، وأنّ هناک ثلاث دلالات ترد بکثرة، وهی: الندب، والنصح والإرشاد، والدعاء. وقد جاءت دلالات أخری، ولکنّها لم تکثر کثرة هذه الدلالات، وهذا الخروج ینمّ عن قیمة القضیة الدلالیة فی تفکیر الإمام البلاغی.